السلامة والصحة المهنية: ركيزة أساسية للحفاظ على سلامة العمل والإنتاجية المستدامة" الشيف أحمدالمعدراني


" بسم الله الرحمن الرحيم،

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نبدأ هذه الندوة بذكر اسم الله الذي إذا دُعي به انفتحت الأبواب وانتشرت البركة، اللهم افتح لنا أبواب العلم والفهم، وسدد خطانا في سبيل الخير والتطوير.

اللهم اجعل هذه الندوة فرصة لنا لزيادة المعرفة والإفادة، ووسيلة لنشر الخير والفائدة في مجالات السلامة والصحة المهنية. ألهمنا الحكمة والقدرة على الاستفادة من المعلومات التي ستطرح خلال هذه الفترة، واجعل عملنا في هذه الندوة خالصًا لوجهك الكريم.

اللهم اجعل هذه الندوة مباركة، وألهمنا الاجتهاد والاجتهاد في سبيل خدمة المجتمع ورفعة الوطن، وارزقنا العمل الصالح الذي يرضيك وينفع الناس.

نسأل الله أن يبارك في هذا الجهد، وأن يكون هذا اللقاء بداية خير وفتح لعالم جديد من العلم والتطوير.

 

السلامة والصحة المهنية: ركيزة أساسية للحفاظ على سلامة العمل والإنتاجية المستدامة"
في عالم مليء بالتطور والتقدم، تأتي السلامة والصحة المهنية كأحد الأسس الأساسية التي لا يمكن التنازل عنها في أي بيئة عمل. تعكس هذه السمة العناية الفائقة بالإنسان وحمايته، حيث تهدف إلى توفير بيئات عمل آمنة وخالية من المخاطر التي قد تهدد العاملين وممتلكات الشركات.

تشكل السلامة والصحة المهنية عمادًا أساسيًا للتقدم والاستدامة، إذ تساهم بشكل كبير في تعزيز الإنتاجية ورفع مستوى جودة العمل والحياة. ترتبط بشكل وثيق بالتقنيات الحديثة والمعدات المتطورة، لتحقيق أعلى معايير السلامة والوقاية من الحوادث والمخاطر المهنية.

من خلال فهم عميق لمفهوم السلامة والصحة المهنية، يمكن تطوير ثقافة عمل إيجابية ومستدامة تحقق التوازن المثالي بين الإنتاجية وسلامة العاملين. في هذه السياق، يأتي دور القوانين والتشريعات لتعزيز وتعميم هذه القيم، مما يجعل السلامة والصحة المهنية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات النجاح العملية.

 

السلامة والصحة المهنية: العلم الذي يحمي الحياة والإنسان

السلامة والصحة المهنية تعتبر أساسية في أي بيئة عمل، إذ تهدف إلى الحفاظ على سلامة الإنسان ومنع الحوادث والإصابات التي يمكن أن تؤثر على العاملين والممتلكات. تعني السلامة والصحة المهنية إنشاء بيئات عمل آمنة وخالية من المخاطر التي يمكن أن تتسبب في الأذى للأفراد أو تلحق ضررًا بالممتلكات.

فهم مفهوم السلامة:

السلامة تتعلق بتوفير الظروف الضرورية التي تحمي الأفراد من الخطر والمخاطر التي قد تظهر في مختلف البيئات، سواء داخل الأماكن المغلقة كالمصانع والمكاتب أو في البيئات الخارجية كالمواقع الإنشائية.

تشمل مبادئ السلامة والصحة المهنية عدة جوانب، منها:

  • تقييم المخاطر:

هذا الجانب يتضمن تحليل البيئة والعوامل المحتملة التي يمكن أن تؤثر سلبًا على سلامة العمال. يتم تحديد المخاطر وتقييمها لتطوير استراتيجيات للوقاية منها.

تقييم المخاطر يعد خطوة أساسية في ضمان السلامة والصحة المهنية في بيئات العمل. يتضمن هذا الجانب تحليل العديد من العوامل التي قد تكون محتملة لتأثيرها السلبي على سلامة وصحة العمال والبيئة العاملة. من خلال تقييم المخاطر، يتم تحديد وتقييم العوامل المحتملة التي قد تؤدي إلى الحوادث أو الإصابات أو الأمراض المهنية.

عملية تقييم المخاطر تشمل الخطوات التالية:

  • تحليل البيئة والعوامل الضارة:

يتطلب التقييم فحصًا شاملاً للبيئة العاملة والمحتمل أن تكون لها تأثير على العمال، مثل الآلات والمعدات، والمواد الكيميائية المستخدمة، وطرق العمل المتبعة.

 

 

تحليل البيئة والعوامل الضارة يُعتبر جزءًا حيويًا في عملية تقييم المخاطر والسلامة المهنية. يتضمن هذا التحليل النظر الشامل في عدة عناصر تؤثر على سلامة وصحة العاملين في بيئات العمل. إليك تفاصيل أهم العناصر التي يجب تضمينها في تحليل البيئة والعوامل الضارة:

  1. الآلات والمعدات:
    • فحص ما إذا كانت الآلات والمعدات تعمل بشكل صحيح وتتوافق مع المعايير الأمانية.
    • التأكد من وجود إجراءات صيانة دورية للآلات للحفاظ على أمانها وسلامة استخدامها.
    •  
    • التحقق من توفر وسائل الحماية الشخصية اللازمة عند التعامل مع الآلات.
  2. المواد الكيميائية:
    • تحديد وتصنيف المواد الكيميائية المستخدمة في مكان العمل وتقييم خطورتها.
    • توفير المعلومات والتدريب اللازمين للعاملين حول التعامل الآمن مع هذه المواد واستخدام الوسائل الوقائية.
  3. طرق العمل المتبعة:
    • مراجعة وتقييم الطرق والإجراءات المستخدمة في العمل لضمان سلامة العمال.
    • تحليل العمليات لتحديد المخاطر المحتملة ووضع إجراءات وقائية للحد من هذه المخاطر.
  4. البيئة الفيزيائية:
    • تقييم العوامل البيئية مثل درجة الحرارة، الرطوبة، الإضاءة، وضوضاء البيئة العاملة وتأثيرها على صحة العاملين.
    • تطبيق التدابير الوقائية المناسبة للحفاظ على بيئة العمل مناسبة وصحية.
  5. المخاطر الأخرى:
    • التحقق من وجود أي مخاطر أخرى مثل الحوادث الكهربائية أو الحرائق ووضع استراتيجيات للوقاية منها.

تحليل البيئة والعوامل الضارة يُساهم في تحديد المخاطر وتقييمها، وهو جزء أساسي في وضع الإجراءات الوقائية للحفاظ على سلامة العاملين في بيئات العمل.

 

  • تحديد المخاطر:

يُحدد خلال هذه الخطوة أنواع المخاطر المحتملة التي يمكن أن تنشأ من العوامل المحددة في البيئة العاملة. يمكن أن تشمل هذه المخاطر الميكانيكية، الكيميائية، الحرارية، الكهربائية وغيرها.

  • تقييم الأضرار المحتملة:

بعد تحديد المخاطر، يتم تقدير الأضرار المحتملة التي يمكن أن تحدث نتيجة لتلك المخاطر. يعتمد هذا التقييم على درجة الخطورة المحتملة وتأثيرها على سلامة العاملين.

  • وضع استراتيجيات الوقاية:

بناءً على تقييم المخاطر والأضرار المحتملة، يتم وضع استراتيجيات وإجراءات وقائية للحد من المخاطر والوقاية منها. تشمل هذه الاستراتيجيات استخدام المعدات الواقية، التدريب المناسب، وتطبيق إجراءات السلامة المناسبة.

 

  • وضع السياسات والإجراءات:

تتضمن هذه الخطوة وضع سياسات وإجراءات واضحة ودقيقة للسلامة في مكان العمل، مما يساعد في منع الحوادث والإصابات.

  •  التدريب والتوعية:

توفير التدريب المناسب للعاملين حول كيفية التعامل مع المخاطر واستخدام الأدوات والمعدات بشكل آمن، بالإضافة إلى زيادة الوعي بأهمية السلامة المهنية.

  •  استخدام المعدات الوقائية:

ضرورة استخدام المعدات الوقائية مثل الخوذ والنظارات والقفازات والسترات الواقية لتقليل المخاطر وحماية العاملين.

  •  متابعة الأداء والتحسين المستمر:

مراقبة تطبيق إجراءات السلامة وتقييم فعاليتها للتأكد من أنها تحقق الأهداف المرجوة، مع السعي المستمر لتحسين بيئة العمل.

تعزيز السلامة والصحة:

تحقيق السلامة والصحة في مكان العمل يتطلب جهوداً متواصلة لتوفير بيئات عمل خالية من المخاطر والحوادث. يتضمن ذلك التقييم المستمر للمخاطر ووضع سياسات وإجراءات تحافظ على سلامة العاملين وتحد من الحوادث والإصابات.

الوعي والتثقيف:

تعتبر التوعية والتثقيف حول السلامة والصحة المهنية أمرًا أساسيًا، إذ يلعب التدريب دورًا حاسمًا في زيادة الوعي بالمخاطر المحتملة وطرق الوقاية منها، مما يساهم في تحسين السلوكيات والممارسات الآمنة.

القوانين والتشريعات:

تعتبر القوانين والتشريعات التي تنظم مجال السلامة والصحة المهنية أدوات حيوية لضمان الامتثال وتطبيق أفضل المعايير العالمية، مما يساعد في تعزيز السلامة والوقاية من المخاطر.

الثقافة السليمة للسلامة:

تطوير ثقافة السلامة في العمل يتطلب التفاعل والمشاركة الفعّالة من الجميع، حيث تُعزز هذه الثقافة الوعي بأهمية السلامة وتحفز على المساهمة الفعالة في تحسين بيئة العمل.

الأثر الإيجابي على الإنتاجية:

لا يقتصر دور السلامة والصحة المهنية على حماية العاملين فحسب، بل يمتد لتحسين الإنتاجية وجودة العمل. فالبيئة الآمنة تزيد من الثقة والإلهام وبالتالي تعزز الأداء العام للشركات والمؤسسات.

السلامة والصحة المهنية ليست فقط واجبًا قانونيًا، بل هي استثمار في الموارد البشرية وركيزة أساسية لضمان استدامة النجاح والتطور في بيئة العمل. تحقيقها يتطلب التزامًا متواصلاً بالتحسين المستمر وتبني أفضل الممارسات لضمان سلامة العاملين وتعزيز الإنتاجية.

السلامة في نظر الإسلام:

يحق لنا القول أن تعاليم الإسلام هي المرشد الأول في الدعوة لالتزام أسباب الأمن والسلامة كما هو شأنه في كل شيء فقد سبق الإسلام الثورة الصناعية بقرون بدعوته إلى السلامة وكانت نظرته إلى ها أعم وأشمل من النظرة المادية، فهي نظرة إنسانية ورحمة ورفق تتعدى الهدف المادي المحدد ولا أدل على ذلك من قوله تعالى في محكم كتابه العزيز: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) سورة البقرة الآية (190) وفي الحديث الشريف عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه فيجب أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه، ومن هنا يتبين أنه على كل إنسان سواء كان صاحب عمل أو عامل أو زميل في العمل أن يحرص على سلامته وسلامة العاملين معه أيضا ولعل هذا يؤكد على وجوب اتباع الإنسان أسلوب السلامة وأصولها في كل إعماله وتصرفاته.

تعريف السلامة والصحة المهنية:

يمكن تعريف السلامة والصحة المهنية بأنها العلم الذي يهتم بالحفاظ على سلامة وصحة الإنسان وذلك بتوفير بيئات عمل آمنة خالية من مسببات الحوادث أو الإصابات أو الأمراض المهنية، مثل ملوثات الهواء والضوضاء والحرارة والرطوبة والإضاءة والتي تسبب الإصابة بكثير من الأمراض، أو بعبارة أخرى هي مجموعة من الإجراءات والقواعد والنظم في إطار تشريعي تهدف إلى الحفاظ على الإنسان من خطر الإصابة والحفاظ على الممتلكات من خطر التلف والضياع. وتدخل السلامة والصحة المهنية في كل مجالات الحياة فعندما نتعامل مع الكهرباء أو الأجهزة المنزلية الكهربائية فلا غنى عن اتباع قواعد السلامة وأصولها وبديهي أنه داخل المطابخ وأماكن العمل المختلفة في المنشآت فإننا نحتاج إلى قواعد السلامة، بل يمكننا القول بأنه عند تناول الأدوية للعلاج أو الطعام لنمو أجسامنا فإننا نحتاج إلى أتباع قواعد السلامة.

الأهداف العامة التي تسعى السلامة والصحة المهنية إلى تحقيقها:

  1. حماية العنصر البشري من الإصابات الناجمة عن مخاطر بيئة العمل وذلك بمنع تعرضهم للحوادث والإصابات والأمراض المهنية.
  2. الحفاظ على مقومات العنصر المادي المتمثل في المنشآت وما تحتويه من أجهزة ومعدات من التلف والضياع نتيجة للحوادث.
  3. توفير وتنفيذ كافة اشتراطات السلامة والصحة المهنية التي تكفل توفير بيئة آمنة تحقق الوقاية ومن المخاطر للعنصرين البشري والمادي.
  4. تستهدف السلامة والصحة المهنية كمنهج علمي تثبيت الآمنان والطمأنينة في قلوب العاملين أثناء قيامهم بأعمالهم والحد من نوبات القلق والفزع الذي ينتابهم وهم يتعايشون بحكم ضروريات الحياة مع أدوات ومواد وآلات يكمن بين ثناياها الخطر الذي يهدد حياتهم وتحت ظروف غير مأمونة تعرض حياتهم بين وقت وآخر لأخطار فادحة.

ولكي تتحقق الأهداف السابق ذكرها لابد من توافر المقومات التالية:

  1. التخطيط الفني السليم والهادف لأسس الوقاية في المطابخ
  2. التشريع النابع من الحاجة إلى تنفيذ هذا التخطيط الفني.
  3. التنفيذ المبني على الأسس العلمية السليمة عند عمليات الإنشاء مع توفير الأجهزة الفنية المتخصصة

الضمان استمرار تنفيذ خدمات السلامة والصحة المهنية.


تقييم المخاطر يمثل عملية أساسية وحيوية في إطار السلامة والصحة المهنية، حيث يسهم بشكل كبير في حماية العاملين والحفاظ على بيئات العمل آمنة وصحية. بفضل هذه العملية، يتم التعرف على الأخطار والمخاطر المحتملة وتقييمها بشكل دقيق، مما يمكّن من وضع استراتيجيات فعّالة للوقاية والحد من المخاطر.

ومن المهم التأكيد على أن تقييم المخاطر ليس عملية محددة بزمن معين، بل يجب أن تكون عملية مستمرة ودائمة التطور، مع مراجعات دورية لتحديث وتعديل الإجراءات الوقائية استنادًا إلى التغيرات في البيئة أو العمليات.

يعتبر التركيز على تقييم المخاطر جزءًا أساسيًا من ثقافة السلامة والصحة المهنية في أي مكان عمل، حيث يساعد في تحقيق الوعي والتعاون بين العاملين والإدارة للحد من الحوادث والإصابات.

في النهاية، تعد عملية تقييم المخاطر جزءًا لا يتجزأ من الجهود المبذولة لضمان بيئات عمل آمنة وصحية، وتعزيز ثقافة السلامة التي تعمل على الحفاظ على سلامة العاملين وتحسين الإنتاجية والجودة في مختلف المجالات والصناعات.

الشيف احمد المعدراني

 

 

 

أخبار مرتبطة